بداخل كل منا مرآة معنوية ذات ثلاثة أوجه تختص بنظرتنا لأنفسنا ونظرتنا للآخرين والنظرة التي نتوقع أن الآخرين ينظرون لنا بها كما أن لكل واجهة جوانب ايجابية ولسنا بحاجه لتوضيحها وكذلك جوانب سلبية، ومهمة هذه المرآة مساعدتنا لتقييم الأحداث وتحليلها وبالتالي بناء معتقداتنا الخاصة التي تحتمل الصواب والخطأ.
كما أنه بالإمكان التغيير للأفضل بإعادة صياغة حاضرك والاستفادة من خبراتك وذلك ابتداء من معرفه واضحة عن نفسك , ومن أهم عوامل التغيير وهو التقييم المستمر ، ومن المسلم به أن التقييم المستمر إذا كان الغرض منه الوقوف على السلبيات وإصلاحها والإيجابيات وتعزيزها فإن التغيير سيكون للأفضل بإذن الله, ولكن لدى البعض يؤدي إلى نتائج سلبية غير متوقعه، فما السبب برأيك؟
إن السبب يكمن في التركيز على إحدى الواجهات وبالتحديد الجانب السلبي منها والتي غالبا ما تعكس ردود أفعال غير مرجوة , حيث أن كل فرد يحتاج للانعكاسات الإيجابية للمرآة الثلاثية للارتقاء بالذات.
لذا اقتصر على ثلاث أنماط من الشخصيات والتي تهدم ذاتها باستمرار دون ان تشعر, ومن خلال التحليل المقدم يمكنك تركيز الضوء على الجوانب التي تحتاج لتطويرها وذلك لتحقيق الانسجام على المستوى الشخصي والمستوى الأسري و الاجتماعي.
الواجهة الأولى للمرآة (النظر للذات):
يتميز فئة هذه الواجهة بالنظرة المفرطة لأنفسهم, فهم يشعرون بالتميز لقدراتهم الخاصة ويثقون بها وهذا ما يجعلهم يتجاهلون من هم حولهم, يتميزون بسرعة اتخاذ القرارات وكذالك وضوح أهدافهم والسعي بجد لتحقيقها وهذا أمر جيد ولكن غالباً ما يشعرون بالوحدة وإن لم يظهر عليهم ذلك, فبسبب المبالغة في إصدار الأوامر والتفرد بالرأي فإن ذلك يسبب النفور من هذه الفئة فهم لا يملكون الكثير من الأصدقاء لعدم تكيف الآخرين على طباعهم المتسمة بالغلضه, بل ويتعدا ذلك إلى محيط الأسرة فهم لا يشعرون بالمحيط الأسري إذ إن التسلط وإصدار الأوامر يذيب الروابط الحميمة بين أفرادها لذا فقد لا تشعر الأسرة بوجودهم العاطفي, كذلك يميل أصحاب هذه الواجهة إلى السخرية ممن أقل منهم فلو حدث وأصطدم أحدهم مع شخص آخر قد يحاول تحقيره ما استطاع, كما يميلون للتمسك برأيهم وإن لم توجد بينه فهم غالبا لا يصرحون باستحسان الأفعال الجيدة التي يقوم بها الآخرون عدا الغضب فليس لديه مشكله في إظهاره كما لا يستطيع أن يصغي إلى أية وجهة نظر أو يتقبلها و ينظرون للآخرين باعتبارهم متعهدين بتقديم الخدمات ليس إلا, فهم لا يستطيعون رؤية تطلعات ومهارات الأشخاص الآخرين المحيطين بهم كما أن عدم الإحساس بالآخرين يعد من أسباب عدم تقبل المجتمع لهم, ومما يصيبهم بالانزعاج النقد ولو كان بناءً فهم يرون أن أخطائهم لها مبرراتها, فهم يعملون دون وعي على هدم سُبل التعاون وعزل أنفسهم دون أن يشعرو بذلك.
- يمكنك من خلال التحليل المبسط السابق تحديد مرآتك الأكثر سطوعاً وفهم نفسك بشكل أفضل وليس بالضرورة توفر كل الصفات في شخصيتك فقد لا تتوفر فيك بالكلية, والهدف هو محاولة اكتشاف مواطن القصور وتطويرها.
- نحن بحاجه دائما للنظرة المتوازنة لمرآتنا الداخلية حيث أن انعكاساتها الثلاثية تعد أمرا بالغ الأهمية, فأنت بحاجه للانتقال من حيز الذات إلى الحيز الأكبر وتفكر بما ينفع الجميع والفكرة كلها هنا هي أن يتقبلك الآخرون, فالاعتزاز بالنفس مطلب شخصي مهم ولكن لو أصررت على رؤية الأشياء من وجهة نظرك فلن ترى الصورة واضحة أبداً فمن الظروره أن تثق برأيك وما تراه مناسباً ولكن مشاركة الآراء المختلفة تمكنك من رؤية جوانب تخفى عن ناظريك وذلك أمر طبيعي يرجع للفروق الفردية فعلى سبيل المثال: إن البعض يميل للتفاصيل في أي موضوع والبعض الأخر يفضل الاختصار كما يوجد من يهتم بدقة المواعيد ويوجد كذلك من يرى أن هناك دائماً متسع من الوقت, لذا فهي تتيح لك بناء قاعدة عريضة أكثر ثباتاً.
- حاول الاستماع لما يقال وأظهر تعاطفك فسيدفع الآخرين للإفصاح عما بداخلهم فلديهم الكثير يمكنك الانتفاع به ويساعدك في صياغة أفكارك بطريقه أكثر قبولا وصالحة للتنفيذ, تغلب على التجاهل وأظهر تقديرك فإنه يعطيهم شعوراً بالرضا عن أنفسهم وسيقابلونك بنفس الشعور, ركز على الجوانب الجيدة فيما يقال فإن تقبلك لفكرة أو أداء ما من أي شخص حتى على فرض عدم رضاك الكامل عنه فإن هذا يولد استعداد أكبر لديهم للتعاون معك والانغماس فيما تقوم به.
- كذلك احترام الآخرين بأن تعرض عليهم حرية الاختيار لكي لاتمس كرامتهم, حاول ألا تصطدم مع أي وجهة نظر أخرى فإن الانسحاب الجيد خير من المقاومة السيئة وأحرص على وجود أثر جيد في نفوس من تقابلهم.. .. إن من أجمل الخصال في التعامل أن تجعل دائماً طريقاً للعودة مع من تخالفهم لكي يمكنك من إعادة إصلاح الأخطاء فإن الأشخاص الأكثر مرونة هم الأكثر تحكماً في الأمور.. .. " فما الحياة إلا مشروع تعاون اجتماعي فلا تخسرها".